مركز العسر التعلمي
مركز العسر التعلمي
التعلم هو عملية مستمرة ومركبة يمر بها الإنسان منذ ولادته، حيث يبدأ الطفل بتعلم مهارات متنوعة من خلال تفاعله مع بيئته. مع دخول المدرسة، يصبح التعلم أكثر منهجية ويتركز على مهارات محددة مثل القراءة والكتابة والحساب. ومع ذلك، ليس كل الأطفال يتعلمون بنفس الوتيرة أو الطريقة، وهنا يظهر مفهوم “العسر التعلمي”، الذي يشير إلى الصعوبات التي يواجهها بعض الأفراد في اكتساب هذه المهارات الأساسية.
تعريف العسر التعلمي
العسر التعلمي هو مجموعة من الاضطرابات التي تؤثر على قدرة الفرد على التعلم واكتساب المهارات الأكاديمية، مثل القراءة والكتابة والحساب. يُعرَّف العسر التعلمي بأنه نتيجة خلل وظيفي في الجهاز العصبي المركزي، مما يؤثر على الأداء الأكاديمي للفرد. ومن المهم أن نلاحظ أن العسر التعلمي ليس ناتجًا عن ضعف عقلي أو حسي، بل هو تحدٍ في كيفية معالجة الدماغ للمعلومات.
أُطلق مصطلح “العسر التعلمي” لأول مرة في الستينيات من قبل صامويل كيرك، وهو أخصائي في علم النفس، وذلك خلال مؤتمر في شيكاغو. اقترح كيرك استخدام هذا المصطلح كبديل للتسميات الطبية المعقدة التي كانت تُستخدم آنذاك لوصف صعوبات التعلم. وقد لاقى هذا المصطلح ترحيبًا واسعًا وسرعان ما أصبح مقبولًا في الأوساط التعليمية والعلمية.
تطور الأبحاث حول العسر التعلمي
بدأت الأبحاث المتعلقة بالعسر التعلمي منذ القرن التاسع عشر، عندما حاول العلماء الربط بين إصابات الدماغ والصعوبات التعليمية. وكان بول بروكا وكارل فيرنيك من أوائل العلماء الذين ربطوا مناطق معينة في الدماغ بالقدرة على النطق وفهم اللغة. في وقت لاحق، اكتشف علماء مثل صامويل أورتون أن بعض الأفراد يواجهون صعوبات في القراءة بسبب عدم التوازن بين نصفي الدماغ.
في السبعينيات، ظهرت فرضيات تربط العسر التعلمي بمشكلات في معالجة الصوتيات، حيث يواجه الأفراد صعوبة في ربط الأصوات بالحروف المكتوبة. وعلى الرغم من هذه الاكتشافات، لا يزال هناك خلاف بين العلماء حول الأسباب الدقيقة للعسر التعلمي، وما زال البحث جاريًا لفهم العوامل العصبية والنفسية التي تؤدي إلى هذه الصعوبات.
الأزمة والتحديات
على الرغم من التقدم العلمي، لا تزال الأنظمة التعليمية تواجه تحديات كبيرة في التعامل مع الطلاب ذوي العسر التعلمي. تُركز الكثير من البرامج التعليمية على قياس الأداء الأكاديمي من حيث السرعة والدقة، دون الأخذ بعين الاعتبار الفروق الفردية بين الطلاب. هذا النهج قد يؤدي إلى نتائج غير فعالة، حيث يظل العديد من الطلاب يعانون من صعوباتهم دون الحصول على الدعم المناسب.
يواجه الطلاب الذين يتم تصنيفهم كذوي عسر تعليمي تحديات إضافية مثل العزلة الاجتماعية والصعوبات النفسية. غالبًا ما يتم توجيههم إلى صفوف أو مدارس خاصة، مما يعزز شعورهم بالنقص ويؤدي إلى تدهور حالتهم النفسية والأكاديمية.
البديل المقترح
اقترح العلماء مثل ألكسندر لوريا اتباع نهج فردي لتشخيص ومعالجة العسر التعلمي. يعتمد هذا النهج على فهم ديناميكيات الدماغ والعوامل المختلفة التي تؤثر على التعلم، بدلاً من تقديم حلول موحدة. يجب أن يكون الدعم التعليمي مخصصًا لكل طالب بناءً على احتياجاته الخاصة، مما يعزز من فرص نجاحه الأكاديمي والنفسي.
الخلاصة
العسر التعلمي هو تحدٍ يواجهه العديد من الطلاب حول العالم، ويتطلب فهمًا أعمق من قبل الأوساط التعليمية والعلمية. من الضروري تطوير استراتيجيات تعليمية فردية وشاملة تأخذ بعين الاعتبار الفروق الشخصية بين الطلاب، وتقديم الدعم المناسب لهم للتغلب على صعوباتهم التعليمية.
قريبًا سيفتتح مركز الرازي للعسر التعلمي بحلته الجديدة



